د.حماد عبدالله يكتب: بداية نهاية العوار الدستورى
أسماء إمام الرأي العام
كان لقرار وحكم المحكمة الدستورية الصادر فى شهر مايو 2018 بشأن قانون الإيجار القديم، وتحديد الحكم لموعد تنفيذه "وهو أول مرة فى تاريخ المحكمة الدستورية العليا"، تصدر حكمًا وتحدد موعداُ للتنفيذ (نهاية الدورة البرلمانية من دورة إنعقادها الحالى) أى أخر يونيو 2018 والذى أعلن أنه فى طور النقاش داخل لجان المجلس المختصة.
كان هذا الحكم المنتظر منذ زمن طويل قد جاء "بردًا وسلامًا على المصريين" جميعًا، وليس فقط الملاك وورثتهم للعقارات المصرية، أصحاب الثروة العقارية المفقودة منذ عام 1920 وحتى اليوم، مازلنا نعيش "حالة من العوار الدستورى" وأيضًا اللامنطق، واللاعُرفْ، واللامعقول، أن يكون هناك حقوق ملكية مغتصبة بالقانون، حقوق ملكية شرع الله حفظها وصيانتها وأيضًا حمايتها، على أصحابها وورثتهم، وشرع الدستور المصرى بل كل دساتير العالم "حفظت الحقوق والملكية لأصحابها "، وأسست تلك الدساتير للدول أن تحميها بالقوانين المنظمة للحياة الإجتماعية فى هذه الدول.
وللأسف الشديد أن "مصر" تأتى كأخر دولة فى العالم يوجد بها هذا "العوار الدستورى" وهو "تأبيد العلاقات الإيجارية" وتثبيت أسعارها وكأن مصر تعيش فى عصر (الغيبوبة) وهذا ما لم يكن أبدًا صحيحًا ولا يمثل واقع نعيشه.
ولقد كان "للقيادة السياسية" فى ظل تعديل تشريعات الدولة ومواكبتها للحياة العصرية، مع بداية بناء مصر الحديثة، مصر المستقبل سواء فى البنية التحتية أو إخلاء العشوائيات ونقل سكانها إلى "مناطق أدمية" يعيش فيها الإنسان المصري، فيما يستحقه وفى ظل مناخ الحرية والعدالة الإجتماعية والتنمية المستدامة.
هكذا قررت القيادة السياسية المصرية فور إيلائها الإهتمام بهذه القضية أن كلفت "جهاز التعبئة العامة والإحصاء" بوضع البيانات الصحيحة من الميدان فى التعداد الإحصائى الأخير، والذى وضع النقاط على الحروف بأن 6% "من سكان مصر هم المستأجرون" سواء ما قبل قانون 12 لسنه 1966، أو ما قبله، كما أن الإحصائيات أثبتت أن لدينا أكثر من "أثنى عشر مليون وحدة سكنيه مغلقة" ،سواء كانت مؤجرة أو تحت التشطيب ،أى أن مصر ليس لديها مشكله إسكان ،ولكن لدينا مشكله (وحدات سكنيه ) غير مشغوله لأسباب متعددة وغير معقولة وغير منطقية !!
وبالتالى فإن قرار المحكمة الدستورية يتوافق مع خطه الدوله فى التنميه المقدامة ،حيث بهذا الحكم سوف يكون الإتاحة للوحدات المطلوب تأجيرها فى سوق العقارات فى مصر بلا حدود، كما أن "الموازنه العامه للدوله" سوف تكون أول المستفيدين من هذا الحكم وهذا القانون، حيث الضرائب العقارية يمكنها أن تحقق مايقرب من المائه مليار جينهًا من السنه الأولى لتطبيق هذا القانون وبالتالى فإن سكان مصر سوف يجدون وسائل متعددة لإيجاد السكن الملائم !
-ولعل من الجدير بالذكر فى مقالى هذا أن نتطرق إلى الأثار الإيجابية التى سوف تنعكس على المجتمع والدولة بتنحية هذا العوار الدستورى فى مصر حيث بإلغاء هذا القانون سوف يتم الأتى:-
1- إنعاش خزينة الدولة بمليارت الجنيهات من الضرائب العقارية وضريبة الثروة العقارية التى سيتم تحصيلها من ملاك المبانى المؤجرة سواء حكومى أو تجارى أو إدارى أو سكنى بعد تحديد العلاقة الإيجارية وتحصيل القيمة الحقيقية حسب آليات السوق.
2- إيرادات هائلة لوزارة الأوقاف وبعض الوزارات التى تمتلك أصول عقارية ضخمة حال تأجيرها بالقيم الإيجارية العادلة والسوقية.
3- إيرادات هائلة من العملات الأجنبية بعد إنهاء عقود الإيجار القديم لمقار البعثات الدبلوماسية ثم تأجير هذه المقار بالقيم الإيجارية الحقيقية العادلة ( إلا فى حالة المعاملة بالمثل ).
4- إنعاش قطاع هام من قطاعات الإقتصاد القومى بضخ ثروة عقارية هائلة فى شرايين الإقتصاد المصرى بعد فتح ملايين الوحدات المغلقة نظرًا لتدنى قيمتها الإيجارية مما يساهم فى خفض القيمة الإيجارية للوحدات المؤجرة بقيمتها الحقيقية وعودة النظام الإيجارى فى السكن والذى تقلص كثيرًا بسبب إرتفاع الإيجارات بشكل مبالغ فيه نظرًا لقلة المعروض وكذلك سيتم خفض أسعار تمليك الوحدات السكنية حسب نظرية العرض والطلب.
5- إنشاءصندوق لدعم المستأجر غير القادر من الضرائب العقارية وضريبة الثروة العقارية المحصلة يكون الغرض منه دعم المستأجر غير القادر على دفع القيمة الحقيقية للإيجار العادل التى يقطنها ( توصيل الدعم لمستحقه فقط ) كما تفعل سائر الدول المتحضرة.
6- عودة النظام الطبيعى لخدمه السكن وهو نظام التأخير والذى سيعطى الحرية للأفراد محل سكنهم بالقرب من مقار عملهم مما يعود بالإيجاب على التوفير فى المحروقات المدعومة والمساهمة فى حل الاختناقات المرورية وكذلك سيعطى الفرصة لرب الأسرة للعودة من عمله مبكرًا وقضاء أكبر وقت ممكن مع أسرته مما يساهم فى عودة الترابط بين أفراد الأسرة المصرية والذى أفتقدناه كثيرًا فى العقود الاخيرة.
7- عودة ملاك العقارات القديمة فى استثمار أموالهم فى بناء العقارات بغرض التأجير مما يرفع العبء عن كاهل الدولة صرف المليارات على حل مشكلة الإسكان فى مصر وتوجيه هذه المليارات للتنمية وكذلك مساعدة الدولة فى القضاء على ظاهرة العشوائيات وظاهرة سكان المقابر والذى لا يليق بدولة بحجم ووزن وتاريخ مصر.
8- عودة رونق التراث الحضارى المصرى والمتمثل فى ثروة عقارية هائلة ذات طراز معمارية فريدة ومتميزة نروى تاريخ وعظمة مصر وذلك بعد حصول الملاك على القيم الإيجارية العادلة الحقيقية للوحدات المؤجرة والتى تمكنهم من إعادة ترميمها وصيانتها والمحافظة عليها وإستغلالها سياحيًا وإقتصاديًا بما يعود بايرادات هائلة للموزانة العامة للدولة.
9- حل مشكلة العقارات القديمة المتهالكة بالإزالة والتى تعتبر هى القنايل الموقوتة الحقيقية والتى بدأت فعلًا فى الأنفجار فى صورة انهيارات متتالية لعقارات أصبحت مقابر لساكنيها وذلك مع إمكانية إعادة بنائها مما يساهم أيضًا فى ضخ وحدات جديدة بالسوق العقارى.
10- تخفيف الضغط على دوائر المحاكم بإنهاء النزاعات القضائية المزمنة وإنهاء حالة الاحتقان بين المالك والمستأجر والتى تستمر سنوات تهدر فيها الأموال والوقت والجهد والتى وصلت بينهم إلى إرتكاب جرائم وصلت إلى حد القتل مما يؤدى إلى تحقيق السلم المجتمعى الذى ننشده جميعًا (60 % من القضايا المتداولة قضايا إيجارات قديمة ).
11- وقف ظاهرة إبتزاز معظم المستأجر لملاك العقارات لترك وحداتهم بطلب مقابل مادى يقترب من سعر الوحدة مما أدى إلى تفشى العداوة الكراهية بين المالك والمستأجر.
12- تحقيق الالتزام بمواد الدستور (الذى أقسم على احترامه كل مسئول بالدولة وجميع نواب الشعب ).
-ولعل فى هذا المقال يرى صاحب القرار السياسى الأثار الإيجابية والتى ستنعكس على الجميع وليس فقط على ملاك العقارات المهضوم حقهم منذ أكثر من ستون عامًا، منذ خروج هذا القانون للنور عام 1920، وإستمراره رغم بصدروه قيل أنه إستثناء سوف يزول بزوال المناخ المؤثر على صدوره وهى حالة الحرب التى كان يعيشها العالم ومنهم "مصر" بحكم إحتلالها من "إنجلترا" فى هذا العصر.